| منبر الجمعة | |
|
+6aline2007 السوفي قطرة ندى امير القلوب الاول دمعة امل hadji10 10 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
hadji10 مشرف منتدى الثانوي
عدد الرسائل : 260 العمر : 33 المهنة : عـا بد الـلّـه مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 25/06/2009
| |
| |
دمعة امل عضو
عدد الرسائل : 122 العمر : 31 الولاية: : على سطح الارض مؤقتا... المهنة : طالبه ...... تاريخ التسجيل : 27/01/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 1:15 pm | |
| الرجال قوامون على النساء و انا اختارك انت اخي لتقوم بالمهمة | |
|
| |
hadji10 مشرف منتدى الثانوي
عدد الرسائل : 260 العمر : 33 المهنة : عـا بد الـلّـه مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 25/06/2009
| |
| |
hadji10 مشرف منتدى الثانوي
عدد الرسائل : 260 العمر : 33 المهنة : عـا بد الـلّـه مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 25/06/2009
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 1:31 pm | |
| وأما عن مناصرة المنافقين لليهود فلهم في ذلك صولات وجولات، فقد سطرت كتب التاريخ مواقف غدر وخيانة لهم مع بني قينقاع وبني النضير، سجل القرآن أحداثها أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَـٰفَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ [الحشر:11].
إن من يريد أن يقتفي أثر إفساد المنافقين خلال عهد الرسالة عليه أن يبحث عن ذلك في مظانّ الحديث عن اليهود، فأينما وُجد اليهود وجد المنافقون.
أيها المسلمون، التاريخُ وعاءٌ لما يقضى من القدر خيره وشره، فأقدار الخير يهيئ الله لها رجالاً عظماء شرفاء، فبعد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم كم من رجال تألقوا في التاريخ بل تألق التاريخ بهم، من علماء ودعاة ومجاهدين وقادة، وغيرهم وغيرهم ممن نفع الله بهم الدين والدنيا.
وأما أقدار الشر فقد خُلق لها الأشرار ممن لوثوا صفحات التاريخ بأسمائهم وقبيح أفعالهم من باطنيين ومنافقين وعلمانيين ومجرمين، فكانوا ولا يزالون كالورم الخبيث الكامن في الجسد بانتظار لحظة من الوهن والإنهاك حتى يفرض نفسه منتشراً بالداء والبلاء.
فنسأل الله جل وتعالى أن يكفينا شر المنافقين والعلمانيين.
الخطبة الثانية
أما بعد: وأما عن علاقة المنافقين بالنصارى فهي علاقة حميمة وقديمة ولنستعرض مثالين يدلان على ذلك:
المثال الأول: قصةُ غزوةِ تبوك: في ظرف من أدق وأشق الظروف التي مرت على الدعوة الإسلامية في عهد الرسالة نما إلى مسامع المسلمين في المدينة في أواخر عمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أكبر قوة في الأرض آنذاك تعد لسحق المسلمين في دارهم وطي صفحة الإسلام من التاريخ بتخريب مدنه واجتياح أرضه وتقتيل أهله وتشريدهم.
لقد تواردت الأنباء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نصارى الروم على وشك القدوم فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يباغت القوم بالحرب قبل أن يكملوا الاستعداد، وفي وقت نضج فيه الثمر وطاب فيه المقام مع شدة الحر، ندب الرسول صلى الله عليه وسلم الناس للنفير دفاعاً عن الإسلام المستهدف من أعتى عدو في العالم آنذاك، فاستجاب الصادقون المخلصون خفافاً وثقالاً رغم المكاره، وأطاعوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في تقدير شجاع لخطورة الموقف. فتحرك النفاق الذي كان يتوق إلى يوم تتهاوى فيه قلعة الإسلام وتسقط راياته.
فجاءت سورة التوبة التي تسمى أيضاً بالفاضحة والمبعثرة لأنها فضحت وبعثرت أسرار المنافقين، جاءت السورة حافلة بأخبار النفاق وسلوك المنافقين لترسخ في أفهام المسلمين أهمية أن يتفقدوا صفوفهم ويختبروا بطانتهم، حاملين قبس القرآن ليكشف لهم بإيضاح وجلاء ماهية ونوعية وسجية المنافقين حتى يكونوا منهم على حذر، ويكونوا لجهادهم والتصدي لهم على أهبة واستعداد.
المثال الثاني: دور المنافقين في استقدام النصارى الصليبيين إلى بلاد الشام:
ما السر في أن نصارى العرب يكثر تواجدهم في الشام أكثر من غيرها؟ الجواب: المنافقون: تظاهر رأس من رؤوس المنافقين بالتشيع، وهو أبا الخطاب بن الأجدع، وهو الذي نسبت إليه الفرقة الخطابية، وسلك طريق النفاق المعتاد بادعاء الصلاح، فصاحب جعفر الصادق في حياته وادعى أنه وصيه بعد مماته رغم تبرؤِ جعفرَ منه، وتتلمذ على أفكار ذلك المنافق زنديق آخر هو ميمون القداح المنحدر من أصول يهودية، وعمد هذا الآخر إلى الدعوة للتشيع على الطريقة الإسماعيلية المنحرفة، وتحركت بإيحاء من تلك الأفكار الحركة القرمطية التي تبنت نشر المذهب الإباحي الداعي إلى إباحة المحرمات وإسقاط الواجبات. وكان لميمون القداح حفيد يدعى سعيد، ادعى أنه أحد أبناء الأئمة المستورين من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق، فزعم على هذا أنه علوي يستحق الخلافة! وقد بدأ يدعو إلى نفسه بالخلافة بعد أن سمى نفسه عبيد الله، وشايعه جمع من المنافقين على ذلك وأشاعوا أنه حقاً من العلويين من ولد فاطمة رضي الله عنها، وتطورت دعوتهم بعد أن كسبت الأنصار، فأقاموا الدولة الفاطمية بالمغرب، وكان إخوانهم القرامطة والإسماعيلية قد أقاموا دولاً قبل ذلك في البحرين واليمن.
واستمرت دولة العبيديين في المغرب من عام 297هـ حتى عام 363هـ حيث انتقلت بعد ذلك إلى مصر في عهد الخليفة العبيدي المعز لدين الله، فأقام لدولة النفاق الشيعي كياناً في مصر. وقد كان هؤلاء العبيديون الخبثاء يقربون الكفار وبخاصة النصارى ويتخذون منهم البطانة ويولونهم المناصب ويكثرون من الزواج منهم، وكانت هذه البطانة سبباً أساسياً من أسباب استفحال أمر النصارى في الشام بعد سيطرة العبيديين عليها، حتى آل أمر الشام إلى أن سقطت في أيدي الصليبيين بعد أن فرّ أمراء العبيديين منها، وتركوها لقمة سائغة لهم، حتى احتلوا القدس وسيطروا على المسجد الأقصى ورفعوا الصلبان على مآذنه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما عن علاقة المنافقين بنصارى اليوم فعجب وأي عجب، فبعد أن أعلن الغرب حربه على الإسلام في أنحاء العالم والتي أسماها الإعلام الغربي وبوقه العربي الحرب على الإرهاب، بدأ المنافقون يسخرون أقلامهم في كتابات عفنة في طول العالم العربي والإسلامي وعرضها يؤيدون الغرب، وتبرعوا بأكثر مما طلب منهم.
إن الحرب بين المسلمين والغرب حرب مستمرة منذ عقود طويلة، واليوم ناب عنهم فيها منافقون علمانيون أصبحوا يحاربون الدين وأهله تارة باسم الحرب على الرجعية، وتارة على أعداء التقدمية، وتارة ضد المتطرفين والظلاميين والأصوليين، وأخيراً استقر اصطلاح المجرمين على تسمية الحرب ضد الإسلام بالحرب على الإرهاب موافقة لأسيادهم، وإلا فأين الغرب وحلفاؤهم من التحدث عن الإرهاب اليهودي في فلسطين، والإرهاب الهندوسي في كشمير، والإرهاب الروسي في الشيشان، بل الإرهاب النصراني الغربي في الفلبين وأندنوسيا وأفغانستان وغيرها من بلدان المسلمين.
هل كان بإمكان الغرب أن يقوم بهذه الحرب لوحده لولا وجود مخلصين له في الداخل؟ هل يستطيع الغرب وأمريكا أن تعلن وتنفذ بهذه الجرأة والشراسة والشمول لولا استنادها إلى مواقف أكثر جراءة وشراسة وشمولاً من المنافقين. وإلا فمن للغرب بالتدخل المباشر في الأحوال الداخلية لكثير من الدول في صوغ مناهجها والتحكم في إعلامها وتوجيه الرأي العام بها ومحاصرة الدعوة والإصلاح فيها؟ ومن للغرب أن يجعل البلدان الإسلامية أرضاً مستباحة للأغراض العسكرية والاقتصادية والثقافية والمخابراتية وغيرها. إنهم المنافقون..
ولا نستطيع أن نفسر هذا الإخلاص العجيب من المنافقين لأسيادهم من الغرب إلا بأنه كراهية ما أنزل الله. هذا السبب الذي يتفرع عنه بقية الأسباب وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45]، يكفيك أن تطالع الأعمدة اليومية والأسبوعية لكثير من أعمدة النفاق لترى مصداق ذلك في أقوام جُلّ همهم فيما يتقيئون على أوراق الصحف والمجلات أن يَحزُنوا الذين آمنوا.
لقد انقسم الناس إلى معسكرين متميزين لا ثالث لهما: معسكر إيمان وصبر وجهاد ينضم إليهم من يحبهم وإن لم يعمل مثل أعمالهم، ومعسكر كفر ينضم إليهم من يحبهم من المنافقون والعلمانيون والخائنون، وهذا ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في سننه بسند صحيح عندما حدّث أصحابه عن تتابع الفتن التي ذكر منها فتنة الأحلاس ثم فتنة السراء ثم ذكر فتنة الدهيماء التي وصفها بقوله: ((لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل انقضت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه)).
فنسأل الله جل وتعالى أن نكون من أهل الإيمان الذين هم أهله وخاصته...
منقول من موقع زاد الداعي
لا تبخلوني من صالح الدعاء | |
|
| |
دمعة امل عضو
عدد الرسائل : 122 العمر : 31 الولاية: : على سطح الارض مؤقتا... المهنة : طالبه ...... تاريخ التسجيل : 27/01/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 1:37 pm | |
| الله يوفقك اخي الى ما تحبه و ترضاه | |
|
| |
امير القلوب الاول وسام الكاتب المميز
عدد الرسائل : 1137 العمر : 37 الولاية: : تونس المهنة : رسام القلوب مزاجك اليوم : الاوسمة : تاريخ التسجيل : 14/10/2007
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 1:40 pm | |
| | |
|
| |
قطرة ندى عضو أساسي
عدد الرسائل : 592 العمر : 32 الولاية: : ميلة مزاجك اليوم : اوسمة : تاريخ التسجيل : 21/05/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 1:45 pm | |
| شكرا لك وبارك الله فيك
وجعله في ميزان حسناتك
دمت في حفظ الرحمن | |
|
| |
السوفي مشرف عام
عدد الرسائل : 2250 العمر : 38 الولاية: : واد سوف الحبيبه المهنة : موظف مزاجك اليوم : الاوسمة : اوسمة : تاريخ التسجيل : 07/03/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 2:02 pm | |
| بارك الله فيك أخي الكريم جعلها الله في موازين حسناتك | |
|
| |
aline2007 مشرفة
عدد الرسائل : 1107 العمر : 35 الولاية: : الجزائر مزاجك اليوم : الاوسمة : اوسمة : تاريخ التسجيل : 31/07/2007
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 2:42 pm | |
| بارك الله فيك جعله في ميزان حسناتك | |
|
| |
ميسون سوف عضو
عدد الرسائل : 393 العمر : 30 الولاية: : الوادي تاريخ التسجيل : 06/05/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 13, 2010 6:23 pm | |
| | |
|
| |
hadji10 مشرف منتدى الثانوي
عدد الرسائل : 260 العمر : 33 المهنة : عـا بد الـلّـه مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 25/06/2009
| موضوع: القرآن يا أمّة القرآن الجمعة أغسطس 20, 2010 9:30 am | |
| الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد..
فلقد أرسل الله تعالى نبينا محمّداً صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من غياهب الظلمات.. وأكرمه سبحانه بالآيات البينات والمعجزات الباهرات.. وكان الكتاب المبارك أعظمها قدراً، وأعلاها مكانة وفضلاً.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ما من نبي من الأنبياء إلا قد أُعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما الذي كان أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة » [متفق عليه].إن القرآن.. كتاب الله ووحيه المبارك.. { كتابٌ أحكمت آياته ثُمَّ فُصِّلت من لَّدن حكيمٍ خبيرٍ } [هود:1]. القرآن.. كلام الله المنزل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.. { وإنَّه لتنزيلُ ربِّ العالمين . نَزَلَ به الرُّوحُ الأمين . على قلبك لتكون من المُنذرين . بلسانٍ عربيٍ مُّبين } [الشعراء:192-195]. أحسن الكتب نظاماً، وأبلغها بياناً، وأفصحها كلاماً، وأبينها حلالاً وحراماً.. { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ } [فصلت:42].فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم..
هو الجد ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.. وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم.. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد.. لا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم.. { لكِنِ اللهُ يشهدُ بما أَنزَلَ إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً } [النساء:166]. أنزله الله رحمة للعالمين، ومحجة للمساكين، وحجة على الخلق أجمعين، ومعجزة باقية لسيد الأولين والآخرين.. أعز الله مكانه، ورفع سلطانه، ووزن الناس بميزانه..
من رفعه؛ رفعه الله، ومن وضعه؛ وضعه الله، قال صلى الله عليه وسلم : « إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين » [رواه مسلم].إنها كرامة.. وأي كرامة.. أن يكون بين أيدينا كتاب ربنا، وكلام مولانا، الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً..
حالنا مع القرآن.. من تأمَّل حالنا مع هذا الكتاب العظيم ليجد الفرق الشاسع والبون الواسع بين ما نحن فيه وما يجب أن نكون عليه.. إهمالاً في الترتيل والتلاوة، وتكاسلاً عن الحفظ والقراءة، وغفلة عن التدبر والعمل.. والأعجب من ذلك أن ترى كثيراً من المسلمين ضيعوا أوقاتهم في مطالعة الصحف والمجلات، ومشاهدة البرامج والمسلسلات، وسماع الأغاني والملهيات، ولا تجد لكتاب الله تعالى في أوقاتهم نصيباً، ولا لروعة خطابه منهم مجيباً.. !!
فأي الأمرين إليهم أحب، وأيهما إليهم أقرب..؟ ورسول الهدى صلى الله عليه وسلم يقول: « المرء مع من أحب يوم القيامة » [متفق عليه].وترى أحدنا إذا قرأ القرآن لم يحسن النطق بألفاظه، ولم يتدبر معانيه ويفهم مراده..
فترنا نمر على الآيات التي طالما بكى الباكون، وخشع لها الخاشعون، والتي لو أنزلت على جبل.. { لرأيته خاشعاً مُّتصدِّعاً مِّن خشيةِ الله } [الحشر:21]، فلا ترق قلوبنا، ولا تخشع نفوسنا، ولا تدمع عيوننا، وصدق الله تبارك وتعالى إذ يقول: { ثُمَّ قست قلوبكم مِّن بعد ذلك فَهِيَ كالحجارة أو أشَدُّ قسوة } [البقرة:74]. وترانا نمر على الآيات تلو الآيات، والعظات تلو العظات، ولا نفهم معانيها، ولا ندرك مراميها، وكأن أمرها لا يعنينا، وخطابها لا يناجينا.. فقل لي بربك ما معنى { الصمد } ؟ وما المراد بـ { غاسق إذا وقب } ؟، وما هو { الخناس } ؟.. والواحد منا يتلو هذه الآيات في يومه وليلته أكثر من مرة..؟! أي هجران بعد هذا الهجران، وأي خسران أعظم من هذا الخسران..؟! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « والقرآن حجة لك أو عليك » [رواه مسلم].قال عثمان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم"..
أهل القرآن.. اسمع- رعاك الله- إلى شيء من خبر أهل القرآن وفضلهم.. فلعل في ذكرهم إحياء للعزائم والهمم، وترغيباً فيما نالوه من عظيم النعم..
فأهل القرآن هم الذين جعلوا القرآن منهج حياتهم، وقيام أخلاقهم، ومصدر عزهم واطمئنانهم.. فهم الذين أعطوا كتاب الله تعالى حقه.. حقه في التلاوة والحفظ، وحقه في التدبر والفهم، وحقه في الامتثال والعمل..
وصفهم الله تعالى بقوله: { إنَّما المُؤمنونَ الَّذين إذا ذُكر اللهُ وجِلَت قُلُوبهم وإذا تُلِيَت عليهم ءاياتُهُ زادتْهُم إيماناً وعلى ربِّهم يتوكَّلون } [الأنفال:2].أنزلوا القرآن منزلته؛ فأعلى الله تعالى منزلتهم.. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته » [رواه أحمد والنسائي]. رفعوا القرآن قدره، فرفع الله قدرهم، وجعل من إجلاله إكرامهم.. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنَّ من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه.. » [رواه أبو داود].ففضلهم ليس كفضل أحد، وعزهم ليس كعز أحد.. فهم أطيب الناس كلاماً، وأحسنهم مجلساً ومقاماً..
تغشى مجالسهم الرحمة، وتتنزل عليهم السكينة، قال صلى الله عليه وسلم : « وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السَّكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده » [رواه مسلم].وهم أولى الناس بالإمامة والإمارة.. قال صلى الله عليه وسلم : « يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله تعالى » [رواه مسلم]. ولما جاءت الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فجلست، قام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها، وفيه.. « قال صلى الله عليه وسلم : ماذا معك من القرآن؟ قال معي: سورة كذا وسورة كذا، فقال صلى الله عليه وسلم : تقرأهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم، فقال: اذهب، فقد ملكتكها بما معك من القرآن » [متفق عليه]. بل وحتى عند الدفن فلصاحب القرآن فيه شأن.. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ ، فإن أُشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد.. » [رواه البخاري]. وهم مع ذلك في حرز من الشيطان وكيده.. قال صلى الله عليه وسلم: « إنَّ الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة » [مسلم]. وهم كذلك في مأمن من الدجال وفتنته.. فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال » [رواه مسلم]. هذا شيء من منزلتهم في دار الفناء، أما في دار البقاء فهم من أعظم الناس كرامة وأرفعهم درجة وأعلاهم مكانة.. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها » [رواه أبو داود والترمذي].
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجاً من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويُكسى والديه حُلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كُسينا؟، فيقال بأخذ ولدكما القرآن » [صححه الحاكم ووافقه الذهبي]. . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حلِّه، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حُلَّة الكرامة، ثم يقول يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال: اقرأ وارقَ، ويزاد بكل آية حسنة » [رواه الترمذي].
وهم مع هذا في موقف القيامة آمنين إذا فزع الناس، مطمئنين إذا خاف الناس، شفيعهم- بعد رحمة الله تعالى- القرآن، وقائدهم هنالك سوره الكرام.. فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اقرؤا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه » [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: « يؤتى يوم القيامة بالقرآن، وأهله الذين يعملون به، تقدمهم سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما » [رواه مسلم]. فهل يا ترى يضيرهم بعد ذلك شيء.. ؟!
واجبنا نحو القرآن.. إن حق القرآن علينا كبير، وواجبنا نحوه عظيم.. فمن حقه علينا.. الاعتقاد فيه بعقيدة أهل السنة والجماعة.. فهو كلام الله عزّ وجلّ، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به قولاً، وأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وحياً، ولا نقول إنه حكاية عن كلام الله عزّ وجلّ أو عبارة، بل هو عين كلام الله، حروفه ومعانيه، نزل به من عند الله الروح الأمين، على محمّد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين، وكل منهما مبلغ عن رب العالمين.
ومن حقه علينا.. إنزاله منزلته، وتعظيم شأنه، واحترامه وتبجيله وكمال محبته.. فهو كلام ربنا ومحبته محبة لقائله..
قال ابن عباس رضي الله عنه: من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله فليعرض نفسه على القرآن، فإن أحب القرآن فهو يحب الله، فإنما القرآن كلام الله.. ومنها.. تعلم علومه وتعليمه والدعوة إليه.. قال صلى الله عليه وسلم: « خيركم من تعلم القرآن وعلمه » [رواه البخاري]. فهو أفضل القربات، وأكمل الطاعات.. قال خبّاب رضي الله عنه: تقرب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه.. فاحرص- رعاك الله- على تعلّم تلاوته وتجويده، وكيفية النطق بكلماته وحروفه. قال صلى الله عليه وسلم: « الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران » [رواه مسلم].
ثم أليس من الخزي- وأي خزي- أن يشيب الرجل في الإسلام وهو لا يحسن تلاوة القرآن؟! واحذر- وفقك الله- من القول فيه بلا علم أو برأيك.. فهذا أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه لما سُئل عن آية من كتاب الله لا يعلم معناها، قال: أي أرض تقلني؟، وأي سماء تظلني؟، إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.. | |
|
| |
hadji10 مشرف منتدى الثانوي
عدد الرسائل : 260 العمر : 33 المهنة : عـا بد الـلّـه مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 25/06/2009
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 20, 2010 9:31 am | |
| واحرص- حرّم الله وجهلك على النار- على الإخلاص عند قرائته وتعلمه وتعليمه.. فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة: « ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأُتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأتُ فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليُقال: عالم، وقرأتَ القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.. » الحديث [رواه مسلم].
ومنها.. المحافظة على تلاوته وترتيله.. قال تعالى: { إنَّ الَّذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصَّلاة وأنفقوا ممَّا رزقناهم سِرّاً وعلانية يَرْجُون تِجارةً لَّن تبور } [فاطر:29]. نعم.. كيف تبور تجارتهم وربحهم وافر.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف » [رواه الترمذي].
فاحرص- حفظك الله- أن يكون لك ورد يومي لا تتخلف عنه أبداً يفضي بك إلى ختم كتاب الله تعالى بصورة دورية. ولتكن قراءتك للقرآن بتدبر وخشوع، تقف حيث يحسن الوقف، وتصل حيث يحسن الوصل، إن مررت بآية وعد سألت الله من فضله، وإن مررت بآية وعيد تعوذت، وإن مررت بآية تسبيح سبحت، وإن مررت بسجدة سجدت..
واجتهد في تحسين صوتك بالقرآن، والتغني به، لقوله صلى الله عليه وسلم: « ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به » [متفق عليه]، ومعنى "أذن": أوليكن لليلك نصيب وافر من قراءتك وقيامك، فهو وقت الأخيار، وغنيمة الأبرار، قال صلى الله عليه وسلم: « لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار.. » الحديث [متفق عليه]. قال تعالى: { ومن الَّيْلِ فتهجَّد به نافلةً لَّكَ عسى أن يبعثَكَ ربُّك مقاماً مَّحمُوداً } [الإسراء:79].
ومنها فهم معانيه وتدبرها، ومعرفة تفسيره والاتعاظ به. فالقرآن ما نزل إلاّ للتدبر والتفكر، والفهم والعمل، قال تعالى: { كتابٌ أنزلناه إليك مٌباركٌ ليدَّبَّروا ءاياته وليتذكَّر أولوا الألباب } [ص:29].
وكيف يطيب لعبد حال، ويهنأ بعيش أو منام، وهو يعلم أنه سيلقى الله تعالى يوماً وكتابه بين يديه، ولم يحسن صحبته، وقد يكون حجة عليه..؟! ومنها.. الحرص على حفظه وتعاهده.. فهو غنيمة أصحاب الهمم العالية، والعزائم الصادقة.. لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشارة بالسلامة من النار حيث قال صلى الله عليه وسلم : « لو جُمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار » [رواه البيهقي في الشُعب وحسّنه الألباني]. فإن قصرت همتك عن حفظه كله فاحذر- رعاك الله- أن تكون ممن قال صلى الله عليه وسلم فيهم: « إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب » [رواه الترمذي]. .
ومنها.. إقامة حدوده والعمل به، والتخلق بأخلاقه، وتحكيمه.. فالعمل به أساس النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وهجره طريق الذلة والهلاك في الدنيا والآخرة.. فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم « رأى في منامه رجلاً مضطجعاً على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة، فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه.. فسأله عنه.. فقيل له: إنه رجل علّمه الله القرآن، فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار، يُفعل به إلى يوم القيامة.. » [رواه البخاري].
أخي الكريم.. قال تعالى: { وقال الرَّسول يا ربِّ إنَّ قومي اتَّخذوا هذا القرآن مهجوراً } [الفرقان:30]. قال ابن كثير- رحمه الله-: فتركُ تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء ولهو من هجرانه.. وهجر القرآن طريق إلى أن يكون القرآن حجة على العبد يوم القيامة..
وأخيراً.. إننا مازلنا في زمن الإمكان، والقدرة على التوبة والاستغفار.. فضع يدك في يدي، وتعال لنعلنها توبة نصوحاً لله تعالى من تقصيرنا في حق كتابه، وتفريطنا في أداء حقوقه والقيام بواجباته.. ولنجدد مع كتاب الله تعالى العلاقة، قبل أن نبحث عنه فلا نجد له خبراً، ونستعين به فلا نجد له أثراً.. قال صلى الله عليه وسلم : « ولِيَسْرِيَ على كتاب الله عزّ وجلّ في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية.. » الحديث [رواه ابن ماجة والحاكم]
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وحجة لنا لا علينا.. آمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول من موقع زاد الداعي
لا تبخلوني من صالح الدعاء | |
|
| |
اخلاص عضو
عدد الرسائل : 329 العمر : 39 الولاية: : مدينة الألف قبة المهنة : ليسانس علم النفس المدرسي تاريخ التسجيل : 17/07/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 20, 2010 10:58 am | |
| اللهم اجعلنا من من يستمعون القول فيتبعون احسنه واجعلنا من أهل القرآن في شهر القرآن ، بارك الله فيك أخي وجعله في ميزتن حسناتك | |
|
| |
السوفي مشرف عام
عدد الرسائل : 2250 العمر : 38 الولاية: : واد سوف الحبيبه المهنة : موظف مزاجك اليوم : الاوسمة : اوسمة : تاريخ التسجيل : 07/03/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أغسطس 20, 2010 11:20 am | |
| بارك الله فيك أخي الكريم تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال | |
|
| |
مراوي عضو أساسي
عدد الرسائل : 933 العمر : 28 الولاية: : وادي سوف-قمار المهنة : مشي عارفة مزاجك اليوم : الاوسمة : تاريخ التسجيل : 12/06/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة السبت أغسطس 21, 2010 8:21 pm | |
| | |
|
| |
hadji10 مشرف منتدى الثانوي
عدد الرسائل : 260 العمر : 33 المهنة : عـا بد الـلّـه مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 25/06/2009
| موضوع: عــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذاب القبـــــــــــــــــــــــــــــــر الجمعة أكتوبر 15, 2010 11:39 am | |
|
عـــذاب القـــــــبر
هاشم محمدعلي المشهداني
ملخص الخطبة
1- القبر أول منازل الآخرة. 2- مشروعية زيارة القبور. 3- ماذا يكون في القبر. 4- عذاب القبر في الكتاب والسنة. 5- أسباب عذاب القبر. 6- أسباب النجاة من عذاب القبر. 7- موقف المسلم من عذاب القبر.
قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
[المؤمنون:99-100].
هذه قولة الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود
إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعم المؤمنون ويُعذب الكافرون والعاصون.
فما القبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟
القبر: أول منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.
وينبغي أن تعلم:
أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن :26-27]. كل نفس ذائقة الموت
[آل عمران:185]. كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88]. فلا منجى ولا مهرب.
إن زيارة القبور مستحبة لقوله : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة))([1]).
لما فيها من التذكر والاعتبار وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فسئل عن ذلك وقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي
إذا وقفت على قبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: ((إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد
أشد))([2]).
يقول ابن القيم رحمه الله: كان النبي إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم ومر يوما بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه
فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر))([3]).
كان الربيع بن خثيم قد حفر في داره قبر فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فاضطجع ثم يصرخ (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) ثم
يرد على نفسه: يا ربيع قد رجعت فاعمل، ووقفة على القبور تريك الأعمار المتفاوتة، ومآلك إلى هذه الحفرة الضيقة، فناء هذه الأبدان التي أوليتها
اهتمامك، تركك وحيدا فلا زوجة ولا ولد.
وأما صفة القبر: فاعلم أن للقبر:
أ- كلام: للحديث: ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني
ودودي فماذا أعددت لي؟))([4]).
ب- ضمة: للحديث: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء،
وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه))([5]).
ج- فتنة: اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير
خيرا وبالشر شرا: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول
في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر
والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد
بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين))([6]).
وأما هل للقبر عذاب؟: فإن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة.
من الكتاب
1- قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه
في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.
2- قوله تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب
[غافر:45-46].
قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبر([7]). حيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنها
ر ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.
قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير
الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.
ب- ومن الحديث:
حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))([8]).
((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم))([9]).
ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([10]).
ما هي أسباب عذاب القبر:
1- التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول،
وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))([11]).
النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه))([12]).
2- التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى
صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم
تنصره))([13]).
وأمة الإسلام واقعة في هذا الإثم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضهم وأعراضهم وأمة الإسلام لاهية سادرة في عبثها ولهوها.
3- أو جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))([14]). والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.
يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر
أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات([15]).
وأما أسباب النجاة من عذاب القبر:
1- أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.
سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة))([16]).ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع
خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على
رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([17]).
2- المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له))([18]).
3- الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند
رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من
قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي
من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))([19]).
4- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([20]).
5- المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([21]).
6- أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد
النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة
وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([22]).
ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.
7- الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف
عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([23]).
أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال:
نعم))([24]).
وأما موقف المسلم:
الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا
[النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].
إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3].
إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها.
الأولى (في بطن الأم) حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.
الثانية (دار الدنيا) وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.
الثالثة (دار البرزخ) وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.
الرابعة (دار القرار) وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها: فتبارك الله أحسن الخالقين [المؤمنون:14].
| |
|
| |
المعز لدين الله عضو
عدد الرسائل : 374 العمر : 34 الولاية: : الجزائر دائما و أبدا المهنة : طالب جامعي مزاجك اليوم : تاريخ التسجيل : 15/02/2010
| موضوع: رد: منبر الجمعة الجمعة أكتوبر 15, 2010 11:50 am | |
| | |
|
| |
| منبر الجمعة | |
|