بداية لا يمكن لأحد مهما كان أن يعدد جوانب العظمة الذاتية في رسول الله صلى الله عليه وسلم لذا اقتصرت على عشرة منها فقط دون بقية الجوانب الأخرى والتي تصل إلى عشرات الجوانب، ولها من النصوص والشواهد القرآنية والنبوية ما يؤكد ذلك وكثير.
1. أخذ العهد له r على جميع الأنبياء والرسل: يقول الله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتابٍ وحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدقٌ لما معكم لتؤمنون به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}. وروى أهل التفسير عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس في تفسير هذه الآية بقولهما: "ما بعث الله نبيًّا إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمدٌ وهو حيٌ ليؤمنن به، ولينصرنه، وأمر الله النبي أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث فيهم محمداً -عليه الصلاة والسلام- وهو حيٌ وهم أحياء ليؤمنن به، ولينصرنه". وهذا رفعةٌ وعظمةٌ بين الأنبياء وتعريفٌ وتشريفٌ بين البشرية جمعاء.. إذ هذه مكانة عظيمة، والله جل وعلا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يكون إلا في آخر الزمان، وأنه خاتم الأنبياء.. فإذا جعل الميثاق على كل نبيٍّ بعث أنه يُقرّ ويؤخذ عليه الميثاق إن بُعث محمد وهو حيٌّ، أو بعث في أمته بعد وفاته أن يأخذ العهد والميثاق على الإيمان بمحمدِ صلى الله عليه وسلم وعلى نصرته وأتباعه؟! أفلا ترون ذلك عظمةً بين العظماء وهم الرسل والأنبياء؟ أفلا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته ودينه وكتابه والأعظم الأكمل، الذي جعل الله عز وجل حكمته مستوفيةً لكل ما أراده من الهداية التامة والكمال في هذه الرسالة، فجعل كل رسل الله وأنبياءه أخذ عليهم العهد، وأمروا أن يأخذوا عليهم أتباعهم وعلى أممهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن ينصروه.. ولا شك أن هذا وجهٌ ظاهرٌ واضحٌ بيّن.
2. إعلام أهل الكتاب بصفته r والتعريف به: وأهل الكتاب من اليهود والنصارى على وجه الخصوص، وفي رسالة موسى عليه السلام وما أنزله الله عليه من التوراة، وفي رسالة عيسى عليه السلام وما أنزله الله عليه من الإنجيل ذكرٌ مفصلٌ بوصفٍ دقيقٍ وسماتٍ معنوية وأخرى حسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. إن هذا النبي الذي سيبعثه الله من بعد هو نبي عظيم، ومكانته عالية، وقدره رفيع؛ ومن هنا ذكرت هذه الأوصاف، كما قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}، ما معنى كما يعرفون أبناءهم؟ أي كما لا يشك الرجل أن هذا الابن من صلبه، لعلمه بحاله وحال زوجه، بل قد لا يكون عنده من الجزم بهذا مثل ما عنده من الجزم بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بما ذكر من أوصافه الدقيقة في هذه الكتب. والله تعالى يقول: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل}، التوراة ليست كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل الإنجيل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم، لكن ذكره فيهما مشعٌّ وصفته فيهما ظاهرةٌ فقد روى عبد الله بن عمر بن العاص الحديث الذي يرويه البخاري حين سئل عن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أجل والله إنه لموصوفٌ في التوراة ببعض صفته في القرآن: " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وحرزاً للأميين. أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوال للخنا، أسدده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، وأجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة مقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، و(أحمد) اسمه، أهدي به بعد الضلال، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخَمالة، وأُسمّي به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العَيْلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين قلوب مختلفة، وأهواء مشتتة، وأمم متفرقة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، لا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله ويفتح الله به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً". ذلك مما هو في الكتب السابقة من وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولا شك أن ذلك تنويهٌ وإشادةٌ به وتشريفٌ وتكريمٌ له صلى الله عليه وسلم. 3. ختم النبوات بنبوة محمدٍ r : قال تعالى: {ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}.. ودائماً ماذا نقول في حديثنا المعتاد؟ ألا نقول: "ختامه مسك"؟! أليس آخر عملٍ تعمله يكون أكثر إتقاناً وأوضح كمالاً؟! ولذلك من وجوه الحكم الجميلة استطراداً أقول ما ذكره ابن القيم رحمه الله في خلق آدم قال: "جعل الله خلق آدم وهو أبو البشر متأخراً عن خلق كثيرٍ من المخلوقات من الملائكة والجن وغيرهم، ولا يكون المؤخر إلا معظماً -وذكر وجوه العظمة في خلق آدم- ورسولنا صلى الله عليه وسلم والأنبياء صفوة الخلق، والله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، الله أعلم حيث يجعل رسالته، ومع ذلك هذه الصفوة لا شك أن يكون خاتمها وصفوة الصفوة عليه الصلاة والسلام، ونحن نعلم أن الأخير هو الأكمل، وأن الخاتم هو الأفضل؛ فكانت نبوته، وكانت شخصيته، وكانت عظمته أتم وأكمل شيءٍ في سلسلةٍ ذهبيةٍ مشعةٍ مضيئةٍ من رسل الله وأنبيائه عليهم صلوات الله وسلامهم أجمعين". وإن كان سيدنا صلى الله عليه وسلم بتواضعه يقول: (لا تفضلوني على الأنبياء)، ويقول كذلك: (لا تفضلوني على يونس بن متى، لكنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر). في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري ومسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي، كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون لـه، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين)، وهذا من وجوه العظمة.
4. عموم رسالته r : عندما يكون هناك إنسان له قدرات معينة مثلاً مدرس متخصص في علوم التاريخ ماذا يدرس؟ يدرس مادة التاريخ، لكن لو قيل لك إن مدرساً معيناً جعلوه يدرس التاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء ونحو ذلك، وقالوا لك: إنه جيد! ماذا ستقول عنه؟ ستقول إنه رجلٌ عظيم لأنه استطاع أن يفعل هذا كله، أو يستطيع أن يقوم بمهماتٍ عديدة لا يقوم بها إلا أشخاصٌ كثر.. يقول الله تعالى في نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ورسالته: {وما أرسلناك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيرا} وقال تعالى {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين} أي بعثه الله إلى الثقلين من الإنس والجن منذ بعثته وإلى قيام الساعة.. كل البشر منذ بعثته إلى قيام الساعة هم من أهل أمة الدعوة التي توجه إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون إلى الإسلام وإلى القرآن، وإلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. في حديث جابر بن عبد الله المشهور قال عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من قبلي: كان كلّ نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كلّ أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد من قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة طهورا أو مسجدا فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة).
إذن لن تكون هذه المهمة الواسعة لكل الناس، وليست لقومٍ معينين، ولا لوقعة معينة إلا لمن له عظمةٌ تتناسب مع هذه المهمة الكبيرة التي لا تحدها الجغرافيا، ولا يقطعها الزمن، ولا تتعلق ببيئةٍ، ولا بلغةٍ ولا بثقافةٍ؛ بل رسالةٌ شاملةٌ عامةٌ أنيطت بخير الخلق صلى الله عليه وسلم وهو لها أهلٌ، ولعظمتها كان هو كذلك عظيماً كعظمة ما أسنده الله عز وجل إليه، وما كلفه به وابتعثه لأجله في هذه البشرية.
5. الأقسام الربانية المتعلقة بالمصطفى r :
وهذه وجوه عظمةٍ لم تكن لأحدٍ من الخلق إلا له عليه الصلاة والسلام.. أقسم الله بحياته فقال جل وعلا: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمون}. قال ابن عباسٍ رضي الله عنه: "ما حلف الله تعالى بحياة أحدٍ إلا بحياة محمدٍ صلى الله عليه وسلم"، ثم ذكر هذه الآية. رواه البيهقي عن ابن أبي شيبة.
وكلنا ندرس في التفسير: {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها} فهذا قسمٌ، والله عز وجل له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، ولا شك أن هذا القسم لفت نظرٍ إلى تعظيم هذه المخلوقات التي قسم الله بها.. فكيف وهو يقسم بحياة محمدٍ صلى الله عليه وسلم إن ذلك دلالة تعظيمٍ لهذه الحياة ولصاحبها عليه الصلاة والسلام.
وأقسم الله عز وجل ببلده قال سبحانه وتعالى: {لا أقسم بهذا البلد * وأنت حلٌ بهذا البلد}.
وأقسم الله سبحانه وتعالى له - أي للأمور المتعلقة به - كما في قوله: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إذا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى }.
هذا القسم كان لنفي القطيعة التي زعمتها قريش عندما فتر الوحي قليلاً في أول ما نزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وأيضاً قوله تعالى: {والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى}.
الأمر أيضا بعد القسم متعلقٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك وجوه عظمةٍ لا تخفى ولا تحتاج إلى تعليق.
6. رفع ذكره وتقدير جسمه r:
والله جل وعلا قال: { ورفعنا لك ذكرك }، قال القاضي عياض في [الشفاء في حقوق المصطفى] كلامًا نفيساً جميلاً، معناه: "أي فلا يذكر الله جل وعلا إلا وتذكر معه"؛ فنحن إذا جئنا لندخل في الإسلام أو لنذكر الشهادة قلنا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله هذا ذكر ليس فيه مقارنه محمد عليه السلام عبد الله ورسوله، لكن إذا ذكرنا توحيد الله وإخلاص العبادة ذكرنا نبوة ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم إذا جئنا في الصلاة نصلي فنذكر الله، ثم نصلي بالصلاة الإبراهيمية فنذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تكاد تجد ذكراً إلا وفيه ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا يمر بك - أيها المسلم - يومٌ إلا وأنت تذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام.. في الأذان تذكره، في الصلاة تذكره، في كثيرٍ من الأذكار تذكره.. كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم صليت عليه مع من يصلي على رسول الله عليه الصلاة والسلام.. فذكره مما لا يكاد ينقطع منه المسلم بحالٍ من الأحوال، وهذا من عظمة ما أكرم الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم. والتقديم لاسمه إذا ذكر الأنبياء -كما هو في القرآن- فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام مذكورٌ في مقدمتهم، كما في قوله جل وعلا: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب...} إلى آخر الآية. وكذلك: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوحٍ وإبراهيم وموسى وعيسى}. هؤلاء الذين هم أولو العزم من الرسل ذكر في مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. 7. التكفّل الرباني بالحفظ المتعلق به: وقد جاء الحفظ له، وجاء الحفظ لكتابه، ولسنته صلى الله عليه وسلم.. أما الحفظ له -عليه الصلاة والسلام- فقد قال جل وعلا: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. كان النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر يحرسه حرسٌ من الصحابة، يتناوبون حراسته ليلاً ونهاراً؛ خوفاً عليه من الأعداء، فلما نزلت هذه الآية رفع الحرس. ومن لطائف ما ذكر من محبة وتعظيم الصحابة -وإن كنت سأذكر ذلك لكن فيما خطر الذهن قد يكون أحياناً أولى- لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر، وتزوّج صفية بنت حيي بن أخطب -زعيم اليهود الذي كان من ألدّ أعداء الإسلام وقتل- فلما بنى النبي عليه السلام بهذه الزوجة -من أمهات المؤمنين- كان في طريق عودته إلى المدينة، وعملت له قبة فدخل عليها، فلما أصبح الصبح نظر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا عند قبته أبو أيوب الأنصاري قائمٌ بسيفه، قال: ما لك يا أبا أيوب؟! قال: والله يا رسول الله خشيت عليك هذه المرأة؛ قد قتل أبوها وأخوها وقومها فخشيتها عليك يا رسول الله! فنزلت هذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. الرسول عليه السلام يأتيه وحي مسدد، لكن الصحابة كانت قلوبهم معلقة به عليه الصلاة والسلام فخافوا عليه ذلك لذا نزلت هذه الآية؛ فكانت عصمةً لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ثم كذلك نعلم جميعاً قول الله سبحانه وتعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين * الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون}. وكلنا نعلم كذلك حفظ الله جل وعلا لكتابه: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، وحفظ السنة التي تشرح القرآن تبعٌ لذلك، وهذا لم يكن إلا لرسولنا صلى الله عليه وسلم.. الرسل السابقين؛ وخاصةً أهل الكتاب الله عز وجل قال: {والربانيون والأحبار بما استحفظوا عليه من كتاب الله}. ما معنى ذلك؟ الأحبار أوكل إليهم حفظ كتاب الله فما الذي جرى؟ {واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون}.. أما كتاب الله الذي أنزله الله على رسوله عليه الصلاة والسلام وهو القرآن فقال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. 8. ربط الإيمان برسول الله r وبطاعته ومبايعته لله رب العالمين: فإذا ذكر الإيمان بالله ذكر معه الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله}. وقوله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته}. وفي الطاعة قال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله}. والمبايعة قول الله عز وجل: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم}. وهذا وجوه عظمةٍ واضحةٍ وبينة. 9. التوقير الرباني في ندائه ومخاطبته r : الرسل والأنبياء في القرآن ذكروا بالنداء بأسمائهم.. قال تعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}، وقوله تعالى: {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات}، وقوله تعالى: {يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا}. هل تقرؤون في القرآن "يا محمد"؟ أبداً! بل قال تعالى: { يا أيها النبي.. } وقال تعالى: { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك {، وقال جل شأنه: {يا أيها النبي قل لأزواجك.. }، خطاب الله جل وعلا لرسوله كان فيه ذلك الوجه التعظيمي الذي فيه دلالةٌ على عظمة قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام.. فإذا كان الخطاب الرباني كلام رب العالمين -سبحانه وتعالى- يظهر فيه هذا التعظيم، فأي تعظيمٍ أعظم من تعظيم الله سبحانه وتعالى؟! وأي مكانةٍ ومنزلةٍ يمكن أن تستنبط بأكثر مما تستنبط من الآيات القرآنية التي تنزلت في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في نداءه ومخاطبته؟! 10. الإجابة والدفاع عنه r : إذا قرأتم الآيات في شأن الرسل والأنبياء تجدون أقوال خصومهم والذين عارضوهم والملأ الذين خالفوهم ثم يأتي الرد على لسان النبي نفسه -على سبيل المثال- قال قومٌ: {إنا لنراك في ضلالٍ مبين * قال يا قومي ليس بي ضلالةٌ ولكني رسولٌ من رب العالمين}. ولو قرأتم في سورة هود، وفي سورة الأعراف قصص الأنبياء لرأيتم أقوال الكافرين والجاحدين والمناوئين، وردود الرسل والأنبياء عليهم.. لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت الأقوال عنه، والرد لم يأت منه، وإنما الردّ من الله عز وجل الذي ردّ عنه، والذي أجاب عنه، والذي دافع عنه هو الله سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا: {وما صاحبكم بمجنون * ولقد رآه بالأفق المبين * وما هو على الغيب بضنين * وما هو بقول شيطانٍ رجيم * فأين تذهبون * إن هو إلا ذكرٌ للعالمين * لمن شاء منكم أن يستقيم}. وكذلك في سورة الحاقة كما تقرءون كل الآيات.. فيها الرد والإجابة الربانية في آيات الله عز وجل إشارةً إلى رفعة ومكانة وقدر وعظمة رسول الله عليه الصلاة والسلام. |