تلوث بيئي يهدد «جوفية» حائل

«أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه بمثابة الانتحار البيئي، فهو كمن يمسك مبضعاً بيده وينكأ به الجراح». يجمع سكان مدينة حائل على ان افتتاح مشروع الصرف الصحي الجديد الذي أنهت الشركة المنفذة المرحلة الأولى منه، سيهدد حياتهم وبيئتهم وصحتهم العامة، حيث ستختلط مياهه القذرة بأهم التكوينات المائية الجوفية الرسوبية في منطقة الساق التي تحتوي مليارات الامتار المكعبة من المياه الجوفية، الى جانب تهديد مياه الصرف الصحي لحقل المياه الجديد بالشقيق وما يمثله من مصدر مستقبلي للمياه العذبة في منطقة حائل، لاسيما بعد أن وقع وزير المياه والكهرباء عقدا استثماريا ضمن مشروع مياه حائل مؤخراً.

15 ألف متر مكعب من المياه
تشير التقديرات الرسمية الى ان محطة الصرف الصحي شمال حائل ستتلقى مبدئياً عند تشغيلها حوالى 15 ألف متر مكعب يومياً من مياه المجاري والصرف الصحي. وحسب المواصفات الفنية للمحطة فإن معالجتها لمياه المجاري لن تتم بالطرق المتطورة كالمعالجة الثلاثية، وإنما سيتم رمي تلك القاذورات في مجرى وادي الأديرع المتجه الى منطقة التكوينات المائية، الأمر الذي سيفاقم المشكلة، خصوصاً وأن التربة في تلك الناحية من حائل ذات مسامات متباعدة الاجزاء وتساعد على سرعة تسرب المياه لباطن الأرض، لذا فإن الوضع ينذر بكارثة بيئية ستعكس اثرها سريعاً على واقع المياه بالمنطقة، حيث لا تزيد المسافة بين مشروع مياه مدينة حائل ومشروع الصرف الصحي عن 30 كم.

أين الجهات المعنية من الكارثة
يقول عبدالله الجلعود «فني زراعي» أنه مالم تتدخل الجهات المعنية فإن عمل محطة الصرف الصحي سيمنع الافادة من مشروع مياه الحمية الذي تكلف انشاؤه ما يزيد عن المليار ريال، عدا خسارة مياه التكوين بصفة عامة. واضاف الجلعود ان هناك كارثة بيئية تهدد مستقبل المنطقة وتساهم في توسيع دائرة المجاري والصرف الصحي التي كانت تنحصر في أسفل المنطقة من ناحية بحيرة السمراء حتى دوار المنفاخ شمالاً، منذ 10 سنوات، في حين أن العمل الجديد للمحطة سيجعل طفح المجاري يتخطى المساحة باتجاه تقاطع طريق «حقرصين» مع وادي الاديرع، مما يؤدي الى تلوث شبكة المياه الجوفية وزيادة الاملاح التي تزيد عن 5 آلاف جزء بالمليون وتلويث مياه الشرب التي يصل اليها الطفح خلال أيام.

الخطر سيطال أجيالاً لاحقة
من جانبه حذر المهندس فهد السلمي من اختلاط مياه الصرف الصحي بالتكوين الجوفي الرسوبي، مشيرا الى ان خطره سيمتد مع الوقت ليطال مناطق عديدة وأجيالاً لاحقة، منوهاً الى ضرورة استخدام طريقة المعالجة الثلاثية المتطورة عن المعالجة الثنائية المعتمدة حالياً، من أجل المحافظة على هوية المشروع الجديد لمياه حائل خاصة أن بداية جرف تكوين الساق المائي الجوفي يقع على مقربة من مدينة حائل، ولا يبعد عن محطة الصرف كثيراً. وأوضح أنه في حال ظل الوضع على ماهو عليه الآن فإن الوطن بشكل عام وحائل على وجه الخصوص سيخسران تكويناً مائياً ومخزوناً استراتيجياً من هذه الثروة الغالية الثمن.

لا لتشغيل المحطة
عبر سكان صديان الشرقي عن تخوفهم من تشغيل محطة الصرف الصحي، إلا بعد اضافة المعالجة الثلاثية لها، وفيما عدا ذلك فإن خطرها سيكون أكثر من فائدتها. وقال كل من احمد الشمري وخلف عويد وفهد المشعان انه في حال أصاب المياه الجوفية أي تلوث فإن هناك ثمة كارثة كبيرة تنتظرنا، مطالبين الجهات المسؤولة بالتدخل السريع لمنع حدوثها. واشاروا الى ان صديان الشرقي تعاني من تسرب المجاري وطفحها الكبير أمام المنازل وتم تلويث وادي الاديرع كاملاً بسبب عدم التصريف الجيد.

تشغيل المحطة بضمانات
من جهته شدد المهندس سليمان العميم مدير المياه بمنطقة حائل على ضرورة عدم تشغيل محطة الصرف الصحي بموقعها الحالي ووضعها الراهن إلا بعد معالجات وقائية تضمن عدم وصول مياه الصرف الصحي للتكوين.
وأكد المهندس العميم خطورة توجيه مياه الصرف الصحي لمدينة حائل باتجاه القطاع الشمالي الشرقي من المنطقة، لافتاً الى ان فرع المياه بحائل أجرى دراسة تقديرية حول كمية المياه القذرة التي ستصب بوادي الاديرع التي تبين أنها تصل الى (15) ألف متر مكعب باليوم الواحد، وعليه فقد رفعنا توصية لوزارة المياه والكهرباء، بسرعة اعتماد تحويل محطة معالجة الصرف الصحي الى معالجة ثلاثية كي لا تتسبب بتلويث الطبقة الرسوبية الأهم في المنطقة ولتتم الاستفادة من المياه المعالجة ثلاثياً بري حدائق المدينة والمسطحات الخضراء الخاصة والعامة.